التفسير: هذا بيان للصراط المستقيم ولأهله، الذين أنعم الله عليهم، فهداهم إليه، وأقامهم عليه، ثم بيان آخر للصراط المستقيم، وهو صراط لا يسلكه للمغضوب عليهم، الذين مكروا بآيات الله، وكفروا بنعمه، فضربهم بغضبه، وصبّ عليهم لعنته، وهو صراط لا يستقيم عليه من اتبع هواه، وعمى عن الحق الذي بين يديه! والمغضوب عليهم هم اليهود، وقد صرّح القرآن فى غير موضع وفى أكثر من آية، بأنهم مغضوب عليهم من الله، فقال تعالى: «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ» (60: المائدة) وليس وصف اليهود بالمغضوب عليهم مانعا من إطلاق الوصف على كل من غضب الله عليه، فحاد عن الطريق المستقيم، وكذلك الشأن فى «الضالين» باعتباره وصفا لكل من ضل طريق الحق والهدى.
وفى دعاء المؤمنين بأن يهديهم الله الصراط المستقيم، ويجنبهم صراط المغضوب عليهم، والضالين عن الطريق القويم- فى هذا الدعاء غاية فى تحرّى الطريق إلى الله، والتماسه مستقيما خالص الاستقامة، بعيدا عن مزالق المفتونين فى دينهم، والمنحرفين عن سواء السبيل.
و «آمين» دعاء تختم به السورة، وهو اسم فعل أمر، بمعنى استجب يا الله ما دعوناك به. وهذا اللفظ ليس من القرآن..
وهذا، وتلك السورة الكريمة، فوق أنها قرآن كريم، هى مفتتح هذا القرآن، وهى أم الكتاب الكريم، لاشتمالها على أصول الشريعة الإسلامية، من توحيد، وعبادات، وآداب، ومعاملات..
ولهذا كانت ملاك الصلاة، التي هى بدورها ملاك الإسلام كله،