هذه الأشهر الأربعة، فى عافية من أمرهم، وفى حراسة من كل قهر أدبى أو مادّىّ، يحملهم على الوجه الذي يأخذونه من الإسلام والمسلمين..
وقوله تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ» هو تحذير للمشركين، وتنبيه لهم أن يأخذوا حذرهم، وأن يقدّروا موقفهم فى الرأى الذي يرونه لأنفسهم، بعد هذه الأشهر الأربعة.. وليضعوا فى حسابهم هاتين الحقيقتين:
أولاهما: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يطلبهم، وأن يد الله لا تقصر عنهم فى أي متّجه اتجهوا إليه.. «وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ» ..
وثانيتهما: أنّهم إذا انتهى بهم رأيهم إلى اختيار الشرك الذي هم عليه، فإنهم قد اختاروا الخزي والهوان، لأنهم حينئذ يكونون حربا على الله..
«وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ» .
قوله تعالى: «وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» الأذان: الإعلام، والإظهار للأمر بصورة كليّة كاشفة.. ويوم الحج الأكبر، هو يوم عرفة، وقيل يوم النحر، وفى كلا اليومين تتم معظم أعمال الحج.. ووصف الحجّ بأنه الحج الأكبر، تعظيما له وإلفاتا إلى تلك الظاهرة الإنسانية التي تتجلى فيه، باجتماع هذه الحشود الحاشدة، التي تجمع الناس من كل أمة وقبيل.. يأتون من كل فج عميق.. فإذا احتوتهم دائرة الحرم كانوا