يكونوا على هذا الولاء الذي بينهم، وإنما هو- كما قلنا- تقرير لأمر واقع، يرى منه المؤمنون كيف يجتمع أهل الضلال على الضلال، وكيف يقوم بينهم الولاء والتناصر.. فارنى للمؤمنين ثم أولى لهم، أن يجتمعوا على الإيمان، وأن يتناصروا على الحق والخير.
وفى قوله تعالى: «إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ» إشارة إلى ما ينبغى أن يكون بين جماعة المؤمنين من تلاحم وتناصر. وأنهم إن لم يفعلوا هذا، فسد أمرهم، وتمكّن العدوّ منهم، وسقطت راية الحق التي يقاتلون عليها، وخلا وجه الأرض للفساد والمفسدين.
والضمير فى «تفعلوه» يعود إلى الولاء الذي ينبغى أن يكون بين المؤمنين، بعد أن دعاهم الله إليه فى قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ» .. وبعد أن لفتهم سبحانه إلى ما بين أهل الكفر والضلال من ولاء والتقاء على البغي والعدوان.
وقوله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» .
هو عرض للمهاجرين والأنصار، وإفراد لهم بتلك المنزلة الرفيعة من الإيمان الذي حقّقوا صفته فيهم على أكمل وجه وأروعه.. «أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا» أي المؤمنون إيمانا كاملا، لم تشبه شائبة من ضعف، ولم تعلق به خاطرة من شك أو ريب.. فهو الإيمان الخالص، وهو الحقّ حقّا..
«لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» أي مغفرة عامة شاملة، تنال كلّ ذنوبهم، ولهم «رِزْقٌ كَرِيمٌ» طيّب، من كل شىء، فى الدنيا وفى الآخرة. وهذا من