وفى قوله تعالى: «وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ» إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى أمهلهم حتى كانت لهم فسحة من الوقت ينظرون فيها، ويتأملون فيما بين أيديهم وما خلفهم، ويرون ما حل بآبائهم..
وقد بسطنا القول فى شرح هذه الآية، إذ لم نر أحدا من المفسرين أقامها على وجه نرضاه ونطمئن إليه.
قوله تعالى:
«وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» .
هو تعقيب على ما حل بالظالمين من بلاء ونكال.. ثم هو وعيد المشركين من أهل مكة وما حولها من القرى..
فهؤلاء الذين أخذوا بظلمهم، لو أنهم آمنوا بالله، وصدقوا رسله، واتقوا محارم الله، وأقاموا شريعته، لكانوا فى عافية من أمرهم، وفى سعة من رزقهم، ولفتح الله عليهم بركات من السماء التي رمتهم بالصواعق، وبركات من الأرض التي زلزلت بهم، ورجفت، وفغرت أفواهها لابتلاعهم.. أفلا يكون فى هؤلاء القوم عبرة لمعتبر، وذكرى لمن يتذكر؟ وماذا تنتظر أمّ القرى ومن حولها، وقد استغلظ فيها الشرك، وعاث فيها المشركون؟
والسؤال هنا: هل من مقتضى الإيمان والتقوى أن تفتح على المؤمن التقىّ بركات من السماء والأرض؟ أو بمعنى آخر: هل المؤمنون الأتقياء هم أكثر الناس رزقا وأوفرهم مالا؟ وكيف؟ والمشاهد أن الذين يجتمع إلى أيديهم الغنى والجاه والسلطان، هم الذين لا يؤمنون بالله، أو الذين يؤمنون به ولكن لا يتقونه ولا يوقرون حرماته؟