تحت سلطان الشمس مرة كل يوم، من الغرب إلى الشرق.. وفى تلك الدورة اليومية بتناسخ كل من الليل والنهار، أي ينسخ كل منهما الآخر، وذلك بتحرك الأرض شيئا فشيئا، بحيث يكون دائما نصفها المقابل للشمس نهارا، والنصف الآخر ليلا، ففى كل لحظة، ضوء ينسخ ظلاما، ويلبسه، ويغشيه.. فالظلام الذي يخيم على الأرض شىء أصيل، والضوء الذي يلبسها كائن جديد داخل عليها..
الظلام منسوخ، والضوء ناسخ له. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً» (12: الإسراء) .
وهناك حقيقة علمية مقررة، تتكشف من النظر فى قوله تعالى «يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً» وذلك بعد أن أصبحت كروية الأرض ودورتها حول الشمس من الغرب إلى الشرق من الحقائق المسلّمة، التي لم تعد موضع بحث أو خلاف.. تلك الحقيقة، هى أن الليل، أي الظلام، كان مستوليا على الأرض كلها، فلما أخذت الأرض مكانها من الشمس مع المجموعة الشمسية، انتسخ نصف الظلام الذي كان يغطى هذه الأرض، أو هذه الكرة، فكان نهارا، وبقي النصف الآخر ليلا..
وفى الحركة التي تتحركها الأرض فى مواجهة الشمس من الغرب إلى الشرق- يتناسخ الليل والنهار، فما يكون ليلا يتحول إلى نهار، وما يكون نهارا يتحول إلى ليل.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ» (37: يس) .
وسلخ النهار من الليل، تعريته منه، كما يتعرى الحيوان من جلده الذي يكسوه.. فالنهار إذ يكسو وجه الأرض بضوئه يكون أشبه بالغشاء الجلدى الذي يكسو الجسد، فإذا انسلخ النهار، انكشف الليل بظلامه الكثيف.
وفى الحساب الزمنى بتقدم النهار الليل أبدا، حيث كان الشرق هو مطلع