التفسير: قوله تعالى: «يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» .
تكرار المناداة بقوله تعالى: «يا بَنِي آدَمَ» لاختلاف المنادون من بنى آدم: من بين مؤمن، وكافر، ومشرك، وبين منتبه وغافل، وراغب فى الهوى وزاهد فيه.. فهم أنماط شتى، وطوائف مختلفة، وكأن كل طائفة منهم تنادى نداء خاصا، وإن كان النداء عاما موجها للجميع.. وفى مخاطبة الناس بأبناء آدم تذكير لهم بأصل وجودهم، وأنهم كانوا فى عالم التراب، وأن من هذا التراب جاء هذا الإنسان العاقل، السميع، البصير، وفى هذا ذكرى وموعظة لأولى الألباب.
وفى قوله تعالى: «إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ» أصل إمّا: إن، وما، وهما شرطيتان، للتوكيد.
وفى قوله تعالى: «يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي» قصّ الآيات: حكايتها كما هى، دون تبديل أو تحريف فيها، ومنه قصّ الأثر وهو تتبعه. وفى هذا إشارة إلى أن الرسل إنّما يبلغون ما أنزل إليهم من ربهم، وأنهم لا يأتون بشىء من عند أنفسهم.
والناس فيما يلقاهم به الرسل من آيات الله وكلماته- فريقان: مصدّق ومكذب.. مؤمن وكافر..
فمن صدّق وآمن، وعمل بمقتضى صدقه وإيمانه، فاتّقى الله، واستقام على شريعته، فأنى ما تأمر به، وانتهى عما تنهى عنه، فقد سلم، ونجا، وأمن