وأحب أن أفهم قول الرسول الكريم: «كل ابن آدم خطّاء» فهما متسقا مع هذا المعنى الذي أشرنا إليه، وهو أن لإنسان خلق خلقا مشوبا بالمعصية والخطيئة.. هكذا أراد الله له، وهكذا خلقه..
فالمعصية من آدم لم تلبسه ثوب للعنة، هو وذريته- كما تقول بذلك بعض الديانات- وإنما ألبسته لباس الإنسان، الذي أراده الله، ليكون خليفة له فى الأرض..
ولقد عرف الملائكة- بما أخبرهم الله- أن الإنسان سيكون على هذا الخلق الذي يجتمع فيه الخير والشر، والطاعة والمعصية.. عرفوا هذا قبل أن يخلق آدم، وذلك حين قال الله تعالى لهم: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.. قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ....»
قوله تعالى: «قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ» ..
وقد هبط إبليس من قبل، هذا الهبوط المعنوي، حين نزل عن رتبته فى العالم العلوي إلى هذا العالم السفلى.. فلما عصى آدم ربه ألحق بإبليس فى أن عوقب على هذه المعصية بخروجه من عالمه الذي كان فيه.. فخرج من عالم اللاشعور إلى عالم الوعى والشعور، وهو عالم امتحان وابتلاء..
ولكن شتان بين هبوط آدم، وهبوط إبليس، فهبوط آدم، فى حقيقته صعود، ولكنه صعود يحمّله أعباء ثقالا، تبهظه، وتنقض ظهره.. إنه يحمل بهذا الهبوط- أو هذا الصعود- أمانة عرضت على السموات والأرض والجبال «فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا» . أما هبوط إبليس فهو هبوط مطلق إلى عالم الإثم والمعصية، لا يتحول عنه أبدا..
والمستقر والمتاع إلى حين: هو الحياة الإنسانية على هذه الأرض إلى أن