أن تقول كلمتها فيه، أو تدعه فلا تقول شيئا عنه.. وفى هذا وذاك خير للمسلمين، ورحمة بهم، وإحسان إليهم.
ولهذا جاء قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» والأشياء المنهىّ عن السؤال عنها ليست الأشياء جميعها على إطلاقها، وإنما هى الأشياء التي يترتب على إقرار الشريعة لها، وأخذ المسلمين بها إضافة تكاليف وأعباء، كتحريم أمر كان غير محرم، وحظر طعام كان مباحا.. ونحو هذا.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» أي إن انكشف لكم حكم الشريعة فيها ساءكم، وشق عليكم، وأعنتكم..
وفى هذا يقول الرسول الكريم: «ذرونى ما تركتكم.. فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شىء فدعوه» .
واستمع إلى قوله تعالى: «وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ... » (25 محمد) ..
فقد سأل المسلمون النبىّ أن تنزل عليهم كلمة الله فى القتال، وحكمة فيه، فلما نزلت سورة محكمة، أي جلية واضحة، لا تحتمل تأويلا، وجاء أمر القتال فيها واجبا ملزما- ساء ذلك كثيرا من النفوس، وثقل عليها احتماله، أما الذين احتملوه فاحتملوه على جهد ومشقة..
واستمع بعد ذلك إلى قوله سبحانه: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ