وتأخر عنها بستة أشهر، جدير به أن يوصل بها من طرفيه، وبهذا يكون العام كله شهر حرام، لا قتال فيه، وإن كانت الأشهر الحرم قد أفردت بهذا الحكم، فهو حكم واجب فيها، مستحبّ فى غيرها..
قوله تعالى: «وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ» معطوف على الشهر الحرام، الذي هو معطوف على الكعبة.. أي أن الحيوان المساق إلى البيت الحرام هديا له، والقلائد التي يقلّدها ويعلّم بها، هى من حرمات الله، التي ينبغى ألا يتعرض لها أحد بأذى أو عدوان، وفى هذا تأديب للناس، وتهذيب لهم، وإصلاح لأمرهم.. حيث يعفّ الإنسان عن الاعتداء على حرمات الناس، إذا هو امتثل أمر الله وكفّ يده عن العدوان على حرماته.. فى رعاية كل حرمة من هذه الحرمات هداية للناس، وتقويم لانحراف المنحرفين منهم، وتدريب لهم على الامتثال والطاعة، ورعاية الحرمات فيما بينهم. وبهذا تكون كل تلك الحرمات:
«الكعبة البيت الحرام والشهر الحرام والهدى والقلائد» - قياما للناس وتسديدا لسلوكهم فى الحياة.
قوله تعالى: «ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» .. الإشارة هنا إلى هذه الحرمات، التي جعلها الله قياما للناس، وإصلاحا لهم.. وقوله تعالى «لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» تعليل للحكمة التي تختفى وراء هذه الحرمات التي بيّن الله سبحانه وتعالى معالمها، وحدد حدودها، وأنها منصوبة للمؤمنين لتكون امتحانا لإيمانهم، وابتلاء لما فى قلوبهم من توقير لله، واحترام لحرماته، وذلك لا يكون إلا لمن آمن بالله، واستيقن من أنه سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عن علمه شىء.. فمن لم يؤمن بالله هذا الإيمان