قوله تعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ» هو بيان من الله سبحانه وتعالى، يفرّق به بين حكم صيد البرّ وصيد البحر.. فإذا كان صيد البر قد أقيم عليه هذا الحظر فى حال الإحرام، فإن صيد البحر حلّ مباح، لا حرج على المحرم أن ينال منه ما يشاء، فيصطاده، ويبيعه، ويأكل منه.. «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ» أي والأكل منه.. «مَتاعاً لَكُمْ» أي زادا لكم تتزودن به، وتطعمون منه.. «وَلِلسَّيَّارَةِ» أي وللسائرين الذين ليسوا فى حال إحرام.. أي أن صيد حيوان البحر يستوى فيه المحرم وغير المحرم، حيث لم يكن للإحرام أثر فى هذا النوع مما يصاد من حيوان.
وقوله تعالى: «وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً» هو توكيد لحرمة صيد البر فى حال الإحرام، واحتراس من أن يكون رفع الحظر عن صيد البحر مؤذنا يرفع الحظر عن صيد البر، الذي تقرر حكمه من قبل، وفى هذا مزيد عناية بتقرير هذا الحكم الواقع على صيد البر وحراسة له من أن يقع فيه لبس، أو شك، ولو على سبيل الاحتمال البعيد.
وقوله تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» هو حراسة مشدّدة على الحدّ الذي أقامه الله سبحانه وتعالى على حرمة صيد البرّ فى حال الإحرام أو فى الحرم.. وتلك الحراسة هى الخوف من الله، والتحذير من عقابه للخارجين على حدوده، والمعتدين على حرماته..
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (99) قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)