للمضطر أن ينال منها ما يحفظ عليه حياته، ولا إثم عليها فيما طعم منها..
وصيد البرّ، الذي حرّم على المحرم، يصبح مباحا بعد أن يتحلل المحرم من إحرامه.. والمرأة المحصنة- أي المتزوجة- محرمّة على غير زوجها، فإذا طلقت منه، وانتهت عدتها كانت حلّا لأى رجل مسلم، من غير محارمها، إذا هو تزوجها.
أما ما أمر الله باجتنابه من منكرات، فلم يرفع عنه هذا الحظر بحال أبدا..
ففى قوله تعالى: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» (30: الحج) أمر ملزم لكل مؤمن باجتناب هذين المنكرين ما دام على الإيمان:
عبادة الأوثان، وقول الزور.
وقوله تعالى: «وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ» (26: النحل) هو ملاك دعوة الرسل.. الإيمان بالله، وترك عبادة الأوثان.. فلا يكون فى المؤمنين أبدا من لم يجتنب عبادة الأوثان.. إنه مشرك بالله بلا ريب.
وكانت دعوة إبراهيم إلى ربه قوله: «وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ» (35: إبراهيم) .
فتجنب الشيء واجتنابه هو الابتعاد عنه، اتقاء للخطر المتوقع منه، إذا داناه الإنسان، فكيف إذا اختلط به، وسكن إليه؟
فالأمر باجتناب الخمر، وما أمرنا باجتنابه من منكرات، هو أمر ملزم مؤبد لافكاك منه أبدا، إلا فى حال الاضطرار الذي يشمل الخمر وغيرها من المحرمات.
وهذا هو وجه من وجوه إعجاز القرآن، فى إلباس المعنى المراد، اللفظ المناسب له، والذي لا يصلح له غيره من ألفاظ اللغة العربية كلها.