وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» .
فكيف يزاغ عن هذا الحكم القاطع فى الخمر وحرمتها، أيّا كان الوجه الذي تظهر به، وأيّا كان لونها وطعمها؟
إن كل ما أسكر فهو خمر، قليله وكثيره حرام.. هذا هو حكم الله، والحلال بيّن والحرام بيّن.. والمرء مؤتمن على دينه، فما عرف أنه مؤثّر على عقله من شراب أو طعام، كان حراما عليه أن يذوق قطرة منه، أو يطعم أقل القليل منه.
هذا هو فيصل الأمر فى الخمر.. وإذن فلا قول بعد هذا، ولا بحث فى مادتها، ولونها.
فالعلة فى تحريم الخمر هى الإسكار والتأثير على العقل، تأثيرا يغيّر طبيعته، ويفقده توازنه، والعلة تدور مع المعلول وجودا وعدما.. وليست علة تحريم الخمر قلتها وكثرتها، وإنما علتها أنها الخمر، وأنها الحرام، وليس فى الحرام قليل وكثير.. فما حرم كثيره فقليله حرام، سدّا للذرائع.. حيث لا حجاز بين القليل والكثير، فقد يسكر بعض الناس من قطرات من الخمر بينما لا يسكر بعضهم إلا بما يملأ بطنه منها!! وأما مكان الخمر بين المحرمات، فأشهر من أن يدلّ عليه، فهى كبيرة الكبائر، وأم المحرمات.
ولكن الذي دعانا إلى بحث هذا الأمر ما نسمعه يجرى اليوم على أفواه بعض المثقفين من الشبان، الذين لقّنوا تأويلات فاسدة، دخلت عليهم مدخل الدين، من مقولات الملحدين، الذين يكيدون للإسلام، ويثيرون فى وجهه