وأما قيد الرقبة بوصف الإيمان فى دية القتل الخطأ، فهو لموافقة النفس المؤمنة التي قتلت خطأ.. «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ..» (92: النساء) .. وذلك مما يوجبه القصاص.. النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسنّ بالسنّ.. وقياسا على هذا يكون من دبة المؤمن فى القتل الخطأ إحياء نفس مؤمنة.. أما هنا فهو إحياء لنفس أيّا كانت هذه النفس، ففى إحيائها كفارة لأى ذنب وإن عظم، إنه إحياء للإنسانية كلها.. ومع هذا، فإن المسلم حين ينظر فى أي الرقاب يعتق، فإنه يتجه أول ما يتجه إلى الرقبة المؤمنة، امتثالا لقول الله تعالى: «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ»
ولا شك أن الرقبة المؤمنة أحب إلى مالكها من الرقبة غير المؤمنة.. وقد روى مسلم أن أبا ذر رضى الله عنه، سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الرقاب أفضل؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا» ..
والرقبة المؤمنة أنفس عند المسلم وأكثر ثمنا.
وفى قوله تعالى: «فَكَفَّارَتُهُ» إشارة إلى اليمين بلفظ المفرد، لأن هذه الكفارة هى كفّارة عن اليمين الواحد.. فإذا حنث الإنسان فى أكثر من يمين كان لكل يمين كفارته، على هذا النحو.. وهذا هو السرّ فى إفراد الضمير.. وكان النظم يقضى بأن يجىء هكذا: «فكفارتها» إذ كان الحديث عن الأيمان..
وقوله تعالى: «وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ» إشارة إلى أن هذه الكفارة هى دواء الداء، جلبه الإنسان إلى نفسه، وكان أحرى به أن يتجنب هذا الداء، وأن يظل سليما معافى.. إذ أن الوقاية دائما خير من العلاج.. أما إذا كان