وهذا وضع مقلوب بالنسبة لليهود، إذ كانوا- وهم أهل كتاب- أولى الناس بأن يناصروا أهل الكتاب ويوادّوهم، لا أن يكونوا فى الجبهة الأولى من الجبهات المعادية للمؤمنين، إذ يتقدمون فى هذا الموقف اللئيم أهل الكفر والشرك، فيكونون قادة الحملة الموجهة لحرب الله والمؤمنين بالله! وفى قوله تعالى «لَتَجِدَنَّ» إشارة إلى أن هذا الحكم الذي فضح الله به اليهود، ليس حكما معلّقا على أي شرط، بحيث يقع إذا وقع هذا الشرط، أو هو حكم خفىّ لا تظهر آثاره للعيان.. وإنما هو حكم مطلق، واقع دائما، ظاهر لا خفاء فيه، ولهذا جاء التعبير عنه بلفظ «تجد» بمعنى ترى، وتبصر، وتتحقق، ثم جاء هذا اللفظ مؤكدا بالقسم، وبنون التوكيد «لتجدنّ» .. فهو أمر واقع، مؤكد الوقوع، لا احتمال فيه لشك أو ريب.
هذه هى وجهة اليهود فى الحياة، وهذا هو حكم الله عليهم.. فماذا يرى الراءون منهم؟ وما مدى انطباق هذا الحكم عليهم؟
إن مسيرتهم فى الحياة تشهد شهادة ناطقة بأنهم حرب على الأديان وعلى المؤمنين.. بل هم حرب على الإنسانية كلّها، قبل أن يكونوا حربا على الأديان التي يدين بها الناس.
ولكن لمّا كان الدّين هو ملاك أمر المجتمعات الإنسانية، ومنطلق خياتها الرّوحية والاجتماعية- كان الميدان الذي يعمل فيه اليهود، لإفساد المجتمعات، وإصابتها فى مقاتلها، هو ميدان الدين، فإذا تحلّل الناس من الدّين، وتقطعت بينهم وبينه الأسباب، تحوّلوا إلى حيوانات ضارية، يقتل بعضها بعضها، بلا حساب من عقل أو ضمير..
وهذا ما يفعله اليهود فى كل مجتمع يعيشون فيه..
لقد دخلت الدعوة المسيحية أو ربّا، فأحيت كثيرا من معالم الإنسانية التي