الموقف الذي يقفونه هم من رسول الله، ومن المكر بآيات الله، فكان عقابهم أليما شديدا، إذ جعل الله منهم القردة والخنازير وعبدة الطاغوت، بهذه اللعنة التي رماهم الله بها، فمسخت آدميتهم، ونسخت طبيعتهم، فإذا هم قردة وخنازير فى صور آدمية، يعبدون الطاغوت، ويوالون الشيطان.. والأبناء يعرفون عن يقين خبر هذا البلاء الذي حلّ بآبائهم، فكانوا مثلة فى الناس. فإذا كان هؤلاء الأبناء لم يمسخوا بعد قردة وخنازير وعبدة للطاغوت، فإنهم على الطريق الذي يقودهم إلى هذا البلاء، إذا هم ظلّوا على هذا الموقف من النبىّ، ومن دعوته، ولم يفيئوا إلى السلامة والعافية، بموادعة النبىّ أو متابعته على دينه.
وفى التعبير عن العقاب الأليم هنا بلفظ المثوبة، التي يعبّر بها فى مقام الجزاء الحسن- فى هذا ما يشير إلى أن هذا العقاب هو الجزاء الحسن الذي يحلّ باليهود، إذا هو قيس بما وراءه من ألوان العقاب والنّكال، الراصد لهم!
وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (63)
التفسير: النفاق هو الصفة الغالبة على اليهود، فهو توأم الحسد الذي يملأ قلوبهم ضغينة وحقدا على الناس..
فهم إذا التقوا بالمؤمنين لأمر ما بيّتوه فى صدورهم، أظهروا الإيمان،