هذا هو إجماع المفسّرين فى فهم هذا المقطع من الآية، ويشهدون لذلك بقوله تعالى: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ» (29: الفتح) ومع هذا، فإنى أستريح لفهم آخر، غير هذا الفهم.. أرى أنه يفتح لهذا المقطع آفاقا أرحب من هذا الأفق الذي حصره المفسرون فيه، وأطلعوه منه.
فأقول- والله أعلم- إن هذا الوصف هو وصف لهؤلاء القوم الذين سوف يدعوهم الله سبحانه وتعالى إليه، وييسّر لهم الطريق إلى دينه.
وفى قوله تعالى «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ» - نرى:
1- أن هؤلاء القوم المدعوّين إلى ضيافة الله هم من الذين كانوا يستخفّ بهم مؤمنون، ويحقرونهم، لأنهم كانوا على عداوة ظاهرة للإسلام، وعلى كيد عظيم للمسلمين.. فهم- والحال كذلك- ميئوس من دخولهم فى الإسلام، لا يطمع المسلمون فى أن يكونوا معهم فى يوم ما، وعلى هذا، فهم لا حساب لهم فى الإسلام عند المسلمين، ثم هم فى الوقت نفسه «أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ» إذ كانوا سندا قويا لهم فى مواجهة الإسلام والمسلمين.
وحسبنا أن نذكر هنا خالد بن الوليد، وعكرمة بن أبى سفيان، وقد كانا هما للّذين كسبا معركة أحد لقريش، بعد أن كادت الدائرة تدور عليهم.
ثم دخلا بعد ذلك فى الإسلام فكانا درعين حصينين للإسلام، وقوة من القوى التي استند عليها فى هزيمة الكفر، وإعلاء كلمة الله.. كانا أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين.. هكذا كانا قبل أن يدخلا فى الإسلام.
2- أن فى هذا العرض لهؤلاء القوم الذين لم يكن أحد ينتظر منهم خيرا