فى عمل الرسول من رجم المحصنة والمحصن.. فأراد اليهود أن يفيدوا من هذا الحكم الذي جاء فى الإسلام، وأن يأخذوا صاحبيهما- الزانية والزاني- بالحدّ الذي شرعه الإسلام، وهو الجلد، وأن يحموا الزانية والزاني من الرجم، لما لهما من منزلة عندهم.
ولا شك أن هذا تلفيق فى الدين، فإما أن يكونوا يهودا على شريعة اليهود، فيقيموا حكم التوراة- وهو الرجم هنا- على صاحبيهما، مهما كانت منزلتهما، وإما أن يكونوا مسلمين فيقام عليهما حكم الإسلام وهو الجلد.
ولكن هكذا اليهود.. يأخذون من الأحكام الشرعية ما يرضى هواءهم، فإن لم يكن بالتحريف والتبديل، كان بالتحول من شريعة إلى شريعة، ومن دين إلى دين، حسب الحال الداعية إليه.
وقد جاءوا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- يسألونه الحكم فى هذين الزانيين، فسألهم الرسول: ما حكم التوراة فيهما؟ فقالوا: الجلد بحبل مطلىّ بالقار، وعرض الزانيين على الناس، يطاف بهما وهما على حمار بن، فى وضع مقلوب.
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: «كذبتم، الحكم فى التوراة هو الرجم» فأنكروا.. ثم فضحهم الله، فشهد شاهد من علمائهم: أنه الرجم.. فأمر الرسول بإمضاء حكم التوراة فيهما، ورجمهما.
وقوله تعالى: «وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ» استنكار لموقف اليهود، وتحكيمهم النبي صلى الله عليه وسلم فى أمر هو من شئون دينهم الذين هم عليه- وحكم التوراة واضح فى هذا الأمر..
ثم كيف يحكمون النبىّ وهم لا يؤمنون به، ولا يعترفون برسالته، ولا بالكتاب الذي فى يده؟ إن ذلك لم يكن لطلب حق، ولا ابتغاء هدى، وإنما كان إشباعا لأهواء، وإرضاء لشهوات، وتحللا من حكم شرعى قائم