الغيب، أو يسمع النداء، ويقدر بالذات أو بالغير على جلب الخير ودفع الأذى، وإلا لما دعاه، ولا فتح فاه، وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم.
«فالحزم، التجنب عن ذلك، وعدم الطلب إلا من الله القوىّ الغنىّ الفعّال لما يريد.
ثم يقول: ومن وقف على سرّ ما رواه الطبراني فى معجمه، من أنه كان فى زمن النبىّ صلى الله عليه وسلم- منافق يؤذى المؤمنين، فقال الصديق- أبو بكر رضى الله عنه- هيّا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فجاءوا إليه، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله» .. من عرف سرّ ذلك لم يشك فى أن الاستغاثة بأصحاب القبور- الذين هم بين سعيد شغله نعيمه وتقلّبه فى الجنان عن الالتفات إلى ما فى هذا العالم، وبين شقى ألهاه عذابه وحبسه فى النيران عن إجابة مناديه، والإصاخة إلى أهل ناديه- أمر يجب اجتنابه، ولا يليق بأرباب العقول ارتكابه، ولا يغرّنك أن المستغيث بمخلوق، قد تقضى حاجته، وتنجح طلبته، فإن ذلك ابتلاء وفتنة من الله عزّ وجل، وقد يتمثل الشيطان للمستغيث فى صورة الذي استغاث به، فيظن أن ذلك كرامة ممن استغاث به.. هيهات هيهات، وإنما هو شيطان من أضلّه وأغواه، وزين له هواه..» .
وهذا الذي يقوله الشوكانى هو الذي يجب أن يؤمن به كل مسلم، فى نظرته إلى أصحاب القبور، وإلى من يعدّه من الصالحين، وذوى الكرامات فيهم..
إنهم جميعا فى عالم وراء هذا العالم الذي نعيش فيه، شغلوا بما هم فيه من نعيم أو بلاء، وإنّهم لأشدّ حاجة إلينا منا إليهم، بالدعاء لهم بالرحمة والمغفرة.. حيث أننا- أعنى الأحياء- فى دار عمل وابتلاء، يتقبل الله منا أعمالنا، ويحصيها علينا، ويحاسبنا عليها، وهم قد صاروا إلى عالم قد انقطع عنهم كل عمل فيه، فلا يضاف