الوسائل التي يتوسّل بها إلى التقوى- ولهذا جاء قوله تعالى: «وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» معطوفا على قوله تعالى: «اتَّقُوا اللَّهَ» - أي اتقوا الله بابتغاء الوسائل المؤدية إلى التقوى..
وهنا ما يسأل عنه: كيف جاء النظم القرآنى: «وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» إذا كان المراد بالوسيلة ما تحقق به التقوى.. إذ لو كان الأمر كذلك لجاء النظم القرآنى كهذا: «وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ..» .. كيف هذا؟
والجواب على هذا، هو أن التقوى هى تقوى الله، ووسائلها التي تتحقق بها هى وسائل موصلة إلى الله، مدنية من رضاه ومغفرته.. فليست التقوى..
والأمر كذلك- مقصودة لذاتها، وإنما هى مرادة لما هو أولى بالمؤمن أن يتعلّق به، ويعمل له، وهو القرب من الله، والنزول فى رحاب رضوانه.. فابتغاء وسائل التقوى هو فى الحقيقة ابتغاء للوسائل المؤدية إلى رضى الله، ومن ثمّ كان عود الضمير إلى الله سبحانه وتعالى، لا إلى التقوى، التي هى بدورها وسيلة إلى التقرب من الله! وأمر آخر من أمر الوسيلة.. نريد أن نقف قليلا عنده..
فقد ذهب كثير من العلماء، وخاصة علماء الشيعة، إلى أن المراد بالوسيلة هنا هو التوسل بآل البيت- رضوان الله عليهم- والاستغاثة بهم، واللّجأ إليهم فى الملمّات..
وعن هذا المنزع ما يأخذ به بعض المسلمين أنفسهم من التوسل بالأموات، ممن يعتقد فى صلاحهم، واستقامة سلوكهم فى الحياة، فيلمّون بقبورهم وأضرحتهم، طالبين قضاء حوائجهم التي قصرت عنها أيديهم.
والذي يأباه الدّين هنا هو ما يتخذه كثير من أولئك الذين يزورون قبور الصالحين وأضرحتهم، من التمسح بهذه المواطن، ومناجاة الراقدين فيها، وطلب