والجواب- والله أعلم- هو أن شريعتهم أقدم الشرائع السماوية، العاملة فى الحياة، والتي أدركها الإسلام، والتحم بها، وبأتباعها.. ولا يمنع من هذا أن يكون هذا الحكم قد كان مفروضا فى الشرائع السماوية السابقة على شريعة التوراة..
ثم إنه من جهة أخرى- تأديب خاص لبنى إسرائيل، وابتلاء لهم بهذا الحكم الذي يحمّل القاتل منهم دم الإنسانية كلها، إذ كانوا أكثر الناس استخفافا بدم الناس، حتى دم الأنبياء والقديسين.. وفى هذا يقول الله سبحانه وتعالى فيهم: «وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ» (85: البقرة) .
وفى قوله تعالى: «وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ» .. إشارة إلى ما فى بنى إسرائيل من بغى وعدوان، وأنهم- وقد بعث الله إليهم رسله، بالبينات والهدى- لم يستقيموا على طريق الحق، ولم ينزعوا ما فى نفوسهم من حسد وبغى.
إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)