وقد اتفق المفسرون قولا واحدا فى ابني آدم هذين، على أنهما هما قابيل وهابيل، وأن آدم كان قد أمر ولديه هذين أن يتزوج كل منهما توأم أخيه، وألا يتزوج الأخت التي ولدت معه.. ثم يقولون: إن توأم قابيل كانت أجمل من توأم هابيل، فأباها على أخيه، وأصر على أن يمسكها لنفسه، على حين أبى هابيل أن يعصى أمر أبيه، الذي هو وحي سماوى.. ثم اتفقا على أن يحتكما إلى الله، وذلك بأن يقدم كل منهما قربانا إلى الله، فمن قبل الله قربانه كان على الآخر أن ينزل على مشيئته! وقدّم كل منهما قربانه.. فتقبل الله من هابيل، ولم يتقبل من قابيل.

ولكن قابيل لم يرض بحكم السماء، وأصر على موقفه العنادىّ من أخيه، ومن أمر أبيه، ووصاة ربه..

وإنه لكى يخلو لقابيل الطريق، ويبلغ ما يريد، هداه شيطان الهوى إلى أن يقتل أخاه، وبذلك يقطع تلك اليد التي تنازعه المرأة التي يريدها.. ثم لا يكون- بهذا- قد خالف أمر ربّه أو وصاة أبيه.. فهكذا خيّل إليه أنه بهذا يضع حكم الله وشرعه أمام أمر واقع. وهكذا المفتونون وأصحاب الأهواء..

يتأولون فى شرع الله، فيبدلون ويغيّرون، حسب ما يميله عليهم الهوى، وتدعوهم إليه الشهوة! .. هذا ما قاله المفسرون فى هذه الآيات، معتمدين فى أكثر ما قالوا على ما يحدّث به اليهود من أخبار الماضين.

ونحن نرى- والله أعلم- أن حصر مضمون هذا الخبر القرآنى، فى هذا المحتوى الضيق المحدود، يذهب بكثير من معطياته، ويطلع بأضوائه من أفق محدود، لا تطلع شمسه إلا على صاحبى هذه القصة، فإن تجاوزهما إلى غيرهما، فلا أكثر من امتداد ظلهما، فى طوله أو قصره! والذي يعطى هذه القصة، بعض مالها من امتداد، وبعض ما فيها من حكمة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015