أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة.
لن تقرأ منهما حرفا إلّا أوتيته» (?) حيث يدل هذا دلالة قوية بل قاطعة على أن هذه السورة قد تمّ تأليفها على الوجه الذي ورد في المصحف في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو ما نعتقده بالنسبة لسائر السور الطويلة المدنية التي فيها فصول مختلفة المواضيع نزلت في ظروف مختلفة ومتباعدة.
ولقد روى المفسرون بعض الأحاديث في فضل سورة البقرة منها حديث جاء فيه: «لكلّ شيء سنام وإنّ سنام القرآن سورة البقرة» (?) . وهذا الحديث إذ يذكر سورة البقرة يدل أيضا على أنها كانت مؤلفة تامة في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
والمجمع عليه أن تفوقها على غيرها في عدد الآيات والحيز من أسباب وضعها في أول المصحف بعد سورة الفاتحة التي وصفت بأنها مفتتح القرآن وبراعته الاستهلالية على ما شرحناه في سياق تفسيرها. وليس من شأن هذا أن ينقض ما وضحناه من أن جعلها أولى سورة مدنية هو بسبب احتمال كون فصلها الأول هو أول فصول القرآن نزولا في المدينة، والله تعالى أعلم.
وننبه بهذه المناسبة على أن علماء القرآن قالوا إن ترتيب سور القرآن في المصحف قد جاء حسب أطوالها. حيث قدمت السور المسماة بالطوال ثم ما عرف بالمئين- أي التي عدد آياتها في حدود المائة تزيد قليلا أو تنقص قليلا- ثم ما عرف بالمثاني ثم ما عرف بالقصار ثم ما عرف بالمفصل أي القصار جدا (?) .