التفسير الحديث (صفحة 2786)

روى المفسرون أن الآية نزلت ردا على تحدّي أبي جهل وغيره من زعماء المشركين حيث طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب عنهم جبال تهامة حتى تتسع لهم رقعة الأرض للزراعة وأن يحيي موتاهم حتى يخبروهم إن كان ما يقوله حقا.

وقد تكون الرواية صحيحة ولكنا نرجّح أن الآية لم تنزل بمفردها وفي مناسبة هذا التحدّي لأنها منسجمة جدا مع السياق السابق. فضلا عن عطفها عليه. وفي إحدى الآيات القربية في السياق حكاية تحدّ من الكفار باستنزال آية فمن المحتمل أن تكون بسبيل الردّ عليهم.

على أن جملة أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً تورد على البال احتمالا آخر، وهو أن المسلمين كانوا يتمنون أن يجاب المشركون إلى طلبهم أملا في إيمانهم وحرصا عليه، فأريد بالجملة أن يقال لهم إنه ليس من شأن الآيات أن تحملهم على الإيمان. وهذا التمني من المسلمين ليس الأول، فقد وقع قبل، وحكته آيات سورة الأنعام بعبارة مقاربة: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) والضمير في يُشْعِرُكُمْ عائد إلى المسلمين على ما شرحناه في سياق تفسير الآيات.

وهذا الاحتمال لا يتعارض مع القول إن الآية متصلة بالسياق السابق كما هو واضح.

وهناك قراءة مروية عن علي وابن عباس وغيرهما تجعل تعبير (يتبين) بدلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015