عديدة وردت في مثل المقام الذي وردت فيه هذه الآية. حيث يدل هذا على تكرر المواقف المماثلة واقتضاء حكمة التنزيل ومعالجتها بمثل هذه المعالجة القوية.
ومع ما للآية من خصوصية زمنية وتنديدية فإن فيها تلقينا مستمر المدى في التنبيه على عدم الاغترار بما يتيسر للمرء من قوّة وثروة والاستغراق في ذلك استغراقا يذهله عن واجباته نحو الله والناس ويعميه عن الحقّ وفاضل الأخلاق والأعمال ويجعله يرتكس في البغي والفساد. وينسيه الحياة الأخروية التي ليست الحياة الدنيا بالنسبة إليها إلّا متاعا تافها بقيمته ومدّته.
ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية حديثين عن النبيّ صلى الله عليه وسلم جاء في أحدهما:
«ما الدّنيا في الآخرة إلّا كمثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليمّ فلينظر بماذا ترجع» (?) . وفي ثانهيما: «إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بجدي أسكّ ميت- والأسكّ الصغير الأذنين- فقال: والله للدنيا أهون على الله من هذا على أهله حين ألقوه» (?) .
ويتساوق الحديثان مع ما احتوته الآية من تلقين حكيم.
ومع ذلك فإن من الحقّ أن ننبّه على أن التلقين الذي احتوته الآية والأحاديث يهدف بالدرجة الأولى إلى التحذير من الاستغراق في الدنيا ومتاعها وشهواتها استغراقا ينسي الإنسان الحياة الأخرى وينسيه ربّه ويجعله ينحرف عن واجباته ويبغي ويفسد في الأرض. وليس فيه ما يمنع من فرح المسلم واغتباطه بما ييسره الله من أسباب الثروة وحسن الاستمتاع في الحياة الدنيا ولا السعي في سبيل ذلك إذا ما اتّصف بالصفات التي يجب أن يتّصف بها المسلم الصادق والتي نوّهت الآيات السابقة بالمتّصفين بها.