فالدعوة إلى ذلك إنما تنجح بهذا الأسلوب الحكيم الرائع. أما أساليب العنف والإكراه والإلزام والخشونة فلا تؤدي إلى نتيجة إيجابية سليمة.
ولقد قال بعض المفسرين «1» إن الآية قد نسخت بآيات القتال، كما قال بعض المغرضين من المبشرين والمستشرقين: إنها خولفت ونقضت حينما قوي النبي صلى الله عليه وسلم واشتد ساعده. وليس في هذا وذاك صواب فيما نرى، فالمبادئ التي تضمنتها آيات القتال المدنية متسقة مع هذه الخطة تماما. والقتال إنما شرع ضد المعتدين على المسلمين وليس لإكراه الناس على الإسلام على ما شرحناه في سياق سورة (الكافرون) وعلى ما سوف نزيده شرحا في مناسباته.
وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المتواترة تكذب كل من يقول من الأغيار إن هذه الخطة قد نوقضت بل الحق الذي لا يماري فيه إلّا المكابر المغرض أنها روعيت أدقّ رعاية وأشدّها «2» .
وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
. (?) وإن عاقبتم: بمعنى وإن قابلتم عملا بالمثل. وتستعمل في معنى المقابلة على الإساءة والعدوان.
في الآيات:
1- خطاب موجه للسامعين يؤمرون فيه بأنهم إذا أرادوا أن يقابلوا على