التفسير الحديث (صفحة 2442)

الآية [117] وما احتوته من تلقين مستمر المدى يمكن أن يكون شاملا لمتنوع الشؤون وغير قاصر على محرمات اللحوم والطعام بسبب إطلاقها حيث نهت المسلمين عن إلقاء الكلام على عواهنه في التحليل والتحريم مطلقا ونسبة ذلك إلى الله من دون تثبت وتدبّر وسند وثيق. ففي ذلك افتراء على الله وتضييق لما وسع وتعطيل لحكمته المتمشية مع المصلحة والعقل وطبائع الأشياء.

ولقد أوردنا في تعليقنا على آيات سورة الأنعام المار ذكرها حديثا نبويّا جاء فيه: «الحلال ما أحلّ الله في كتابه والحرام ما حرّم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه» . حيث ينطوي في هذا الحديث تحديد لما يجب على المؤمن أن يقف عنده من حدود في صدد التحليل والتحريم.

على أن من الواجب التنبيه على أمر هام نبهنا عليه أيضا في التعليق المذكور وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المصدر الثاني للتشريع الواجب على المؤمنين اتباع ما أمر به ونهى عنه بعد القرآن وأنه يصحّ أن يصدر عنه تحليل وتحريم لما سكت عنه القرآن أو جاء فيه غامضا وغير مستوف لكل جانب. ولقد روي عنه أحاديث وردت في كتب الأحاديث الصحيحة مثل ذلك أوردنا بعضها في سياق التعليق المذكور.

وهي في صدد الذبائح والأطعمة الحيوانية وهناك أحاديث أخرى في صدد الألبسة والأشربة وغيرها أيضا وردت في كتب الأحاديث الصحيحة. من ذلك مثلا حديث رواه الشيخان والنسائي عن حذيفة قال: «نهانا النبيّ صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيهما وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه» (?) . وحديث رواه أصحاب السنن عن علي قال: «إنّ النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015