والقرآن يغنينا عن تأويل بما تولى من بيان الحطمة في الآيات بعدها، وتبدأ بالسؤال:

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} .

والدراية أخص من المعرفة.

والخاصة البيانية لهذا الأسلوب: ما أدراك، استعماله فيما يجاوز دراية المسئول:

إما لجلال الأمر وعظمة كآيتى: القدر {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} ، والعقبة {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} .

وإما لكونه من الغيب المتعلق بالصبر في اليوم الآخر، يتجاوز دراية البشر ويعييهم إدراكه وتمثله، كآيات:

{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} (المدثر 27)

{الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} (الحاقة 1 - 3)

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} ، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} (القارعة 3، 10)

{لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} (الرسلات 14)

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} (الإنفطار 17، 18)

{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ}

{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}

(المطففين 8، 18)

وفي كل آية من هذه الآيات، يعقب على السؤال المثير {وَمَا أَدْرَاكَ} ؟ ببيان مناط العلو أو الرهبة والهول، فلنا إذن أن نلتمس مثل ذلك فيما تلا آية: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} من بيان لها في الآيات بعدها:

* * *

{نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} .

وباستقراء الاستعمال اتلقرآني للنار، نلحظ غلبة مجيئها لنار الجحيم في الآخرة، حيث وردت فيها نحو مائة وعشرين مرة، في مقابل خمس وعشرين مرة للنار في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015