الإضافة فيهما يطلق "الأشقى" من كل قيد، فلا مجال لمفاضلة بين أي شقي، وهذا الأشقى: {الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} ناراً تلظى {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} .
* * *
والأشقى في آية الليل: {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} .
الكذب في العربية، عدم مطابقة القول للواقع أو لما في الضمير، ومنه الآية في إخوة يوسف: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} . ويستعمل في إخلاف الظن والرجاء.
والتكذيب نقيض التصديق. ولا يأتي التكذيب في الاستعمال القرآني، إلا بالمعنى الديني في التكذيب بالله وآياته وآلائه ورسالاته ورسله، ولقائه، واليوم الآخر.
والتولى: الإعراض والإدبار.
وقد جاء قريناً للكفر والتكذيب، مع مثل هذا الوعيد بالعذاب، في آيات:
{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} (الغاشية 22)
ومعها آيات:
{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (القيامة 32)
{إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (طه 48)
{كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} (المعارج 15)
والإدبار فيها إعراض وصد عن الحق.
* * *
{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} .
تنفرد الآية هنا بصيغة "الأتقى" معرفة بأل، وجاء أتقى مضافاً إلى ضمير المخاطبين، الناس، في آية الحجرات:
{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .
فقيد بهذا الإضافة إلى ضمير الناس المخاطبين، لا على الإطلاق في "الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى".