وفي الاستعمال القرآني للمادة، نجد الدلالة الأولى للسعي بمعنى المشي والحركة، على الحقيقة أو التخييل والمجاز، في آيتى (طه) عن عصا موسى ألقاها {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} وحبال السحرة وعصيهم ألقوها {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} وفي آيتى التحريم والحديد، في نور المؤمنين {يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} يوم القيامة.

كما نجد دلالة السعي على العمل مع الدأب في آيات:

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} (الأنبياء 94)

{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء 19)

{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (الكهف 104)

ودلالة القصد أوضح في آيات:

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} (البقرة 114)

{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (المائدة 33، 64)

وواضح أن السعي في آية الليل، هو من العمل الكسبي مع القصد والدأب، ومثله السعي في آيات (الإنسان 22، النجم 40، الغاشية 9) .

وأصل الشت في اللغة التفرق والاختلاف، مادياً ومعنوياً، وقد سبق استقراء آياته في القرآن، في تفسير آية الزلزلة {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} فهدى إلى أن اشتاتا تأتي بدلالة التفرق المقابل للتجمع. أما شتى، فمن الاختلاف والتباين.

* * *

ولا نحتاج إلى تأول مقصد القرآن الكريم بتباين سعيكم، فقد تولت الآيات بعده بيانه:

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015