يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} قال أبو إسحاق: أي شيء لهذا الرسول في حال أكله الطعام ومشيه في الأسواق، التمَسوا أن يكون الرسول على غير بِنْية الآدميين، والواجب أن يكون الرسول إلى الآدميين آدميًا ليكون أقرب إلى الفهم عنه (?).
والمعنى: أنهم أنكروا أن يكون الرسول بشرًا يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق لطلب المعيشة، وهذا هو الصحيح؛ ألا ترى أنهم قالوا {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} أي: ليستغني عن طلب المعاش. وعبر بعض البلغاء عن معنى هذه الآية فقال: يعنون أنه ليس بملَك ولا ملِك؛ وذلك أن الملائكة لا يشربون ولا يأكلون، والملوك لا يتسوقون ولا يتبذَّلون (?) فعجبوا أن يكون مثلَهم في الحال يمتاز من بينهم بعلو المحل والجلال، و {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124].
قوله تعالى: {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} قال محمد بن إسحاق: إنهم قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: سل ربك أن يبعث معك ملَكًا يصدقك بما تقول ويجعل لك جنانًا وقصورًا وكنوزًا من ذهب وفضة يغنيك بها عمّا نراك تبتغي، فإنك تقوم في الأسواق، وتبتغي المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم (?).
وقال أبو إسحاق: طلبوا أن يكون في النبوة شركة وأن يكون الشريك ملَكًا، والله -عز وجل- يقول: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: 9] أي: