(والذي يدل على صحة قول سيبويه في هذا وأن السين عوض من حركة عين الفعل، هو أن الحركة التي هي الفتحة، وإن كانت كما قال أبو العباس موجودة منقولة إلى الفاء لما فقدتها العين، فسكنت توهنت بالسكون، وبالتهيؤ للحذف عند سكون اللام وذلك قولك: لا تُطِع، وأطِع، ولم يُطِع، ففي كل هذا قد حذفت العين لالتقاء الساكنين، ولو كانت العين بحالها متحركة لما حذفت؛ لأنه لم يكن هناك التقاء ساكنين، ألا ترى أنك لو قلت: أطْوَع، يُطْوِع (?)، ولم يُطْوِع، وأَطْوَعْ زيدا، لصحت العين ولم تحذف، فلما نقلت عنها الحركة وسكنت، سقطت لاجتماع الساكنين، فكان هذا توهينًا وضعفًا للعين، فجعلت السين عوضًا عن سكون العين الموهِّن لها المسبب لقلبها، وحركة الفاء بعد سكونها لا تدفع عن العين ما لحقها من الضعف في السكون والتهيؤ للحذف عند سكون اللام.
ويؤكد ما قال سيبويه من أن السين عوض من ذهاب العين، أنهم قد عوضوا من ذهاب حركة هذه العين حرفًا آخر غير السين، وهو الهاء في قول من قال: أهْرَقت فسكن الهاء، وجمع بينها وبين الهمزة، فالهاء هاهنا عوض من ذهاب فتحة العين؛ لأن الأصل: أرْوَقت، فجعلوا الهاء عوضًا من نقل فتحة العين عنها إلى الفاء، وأنشد (?):
فأصبحت كالمهريق فضلة مائه ... لضاحي سرابٍ بالملا يترقرق