التفسير البسيط (صفحة 7602)

جعلت رجلي مقيدة، ولا جعلت رأسي معممًا، إنما يقولون: غَلَلتُ يدي، وقَيَّدتُ رجلي، وعَمَّمتُ رأسي، والعلة في هذا النظم؛ أن الفعل أقل من النعت، والنعت ألزم وأكثر من الفعل؛ كما قلنا في قوله: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121]؛ لأنه قد كان منه، ولا يجوز أن يقال: آدم عاصٍ غاوٍ؛ لأن هذا نعت لازم، وكانوا يقولون: يد فلان مغلولة، أي أن المنع عادةٌ له، ولا يكادون يقولون: غُلَّت يده؛ لأن هذا فعل غير لازم، والأول لازم، وقد يمنع الإنسان في مواضع المنع ولا يُرْجَع عليه بلوم، فلذلك قال -عز وجل-: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}، أي: لا تكن ممسكًا عن البذل عادة، ولم يُرِدْ أن لا يمسك عند وقت الإمساك، يدل على ذلك قوله: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}؛ ومما يشبه هذا النظم، قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} [إبراهيم: 40] وقد مر، وقوله تعالى: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30]، وسنذكره في موضعه إن شاء الله (?).

وقوله تعالى: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} قال ابن عباس: يريد في النفقة والعطية (?).

وقال مجاهد وقتادة: يعني التبذير والإنفاق في معصية الله تعالى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015