التفسير البسيط (صفحة 7499)

أشبهت حالُ مكة حالَ هذه القرية، والكلام في جميع صفات القرية جرى على القرية، والمُرادُ أهلُها؛ لأن الطمأنينة والأمن وإتيان الرزق حقيقتها لأهلها لا لها، يدل على هذا قوله في آخر الآية: {بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون}، ولم يقل: بما صنعت.

وقوله تعالى: {كَانَتْ آمِنَة}، أي: ذات أمن؛ يأمن فيها أهلها لا يُغَارُ عليهم، كما قال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67]، وجاز وصفها بالأمن وإن كان لأهلها؛ لأنها مكانُ الأمن وظرفٌ له، والظروف من الأزمنة والأمكنة توصف بمحالها، كما يقال: يوم طيب وبارد وحار.

وقوله تعالى: {مُطْمَئِنَّةً}، أي: قارة ساكنة بأهلها، لايحتاجون إلى الانتقال عنها لخوف أو ضيق، وهو قوله: {يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}؛ لأن الله جعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، فأرزاقهم تأتيهم في بلدهم، يُجْلَب إليها من كل بلد، كما قال تعالى: {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [القصص: 57].

وقوله تعالى: {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّه}، الأنعم: جمع نِعْمة، مثل شِدَّة وأَشُدّ، هذا قول سيبويه (?)، وقال غيره: يجوز أن يكون جمع نُعْمَى؛ كما يقال: بؤسى وأبؤس (?)، وأنشد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015