قال النحويون: (كل) و (أجمعون) إذا أُكِّدَ بهما وجب تقديم (كل) على (أجمعين) (?)؛ لأن كلًا قد تستعمل مبتدأة كقولك: كلهم منطلقون، ولا يجوز أن يقول: أجمعون (منطلقون، فلما كانت (كل) قد استعملت مبتدأة ليس قبلها ما تتبعه، وكان أجمعون) (?) لا تستعمل إلا تابعًا، وجب أن تتقدم الأقوى؛ أعني كل، وأجمعون من ظَرِيْفِ المعرفة؛ لأن أجمع بمنزلة زيد؛ في أن كل واحد منهما تعريفه بالوضع دون الألف واللام، ودون الإضافة ودون الإشارة، فإذا جمعته كان أيضًا معرفة؛ لأن جمعه أقيم مقام إضافته، وكان الأصل أن يقول: مررت بالقوم بأجمعهم، فحذف لفظ الضمير وأقيم الجميع (?) بالواو والنون مقامه؛ وذلك أن أجمع على وزن أفعل، ومن شرط أفعل إذا أضيف إلى شيء أن يكون بعضه، فلو قالوا: مررت بالقوم أجمعهم، لتُوِهَّم أن (?) أجمع بعض القوم، وإنما غرضهم أن يخبروا عن جميع القوم، فلذلك عدلوا عن إضافة أجمع في اللفظ، فأتوا بالواو والنون ليدلوا بذلك على استغراق المذكورين.
31 - وقوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ} أجمعوا على أن إبليس كان مأمورًا بالسجود لآدم، واختلفوا في أنه هل كان من الملائكة أم لا؟ على ما ذكرنا في سورة البقرة، فمن قال: كان من الملائكة، جعل هذا الاستثناء من الجنس، ومن قال: لم يكن، جعله من الاستثناء المنقطع كما ذكرنا في