وهذا القول اختيار الزجاج؛ قال: يقال سَكَرَتْ عينُهُ تَسكر، إذا تَحَيَّرَتْ وسكنتْ عن النَّظر (?)، وعلى هذا معنى (سُكِّرَتْ أبصارُنا): سكنت عن النظر، ولا يتوجه على هذا القول قراءة من قرأ بالتخفيف.
قال أبو علي الفارسي: معنى {سُكِّرَتْ} صارت بحيث لا ينفذ نورها ولا تُدرِك الأشياءَ على حقيقتها، وكأن معنى التسكير قطع الشيء عن سننه (?) الجاري، فمن ذلك تسكير الماء؛ هو ردُّهُ عن سيبه (?) في الجِرْيَة، والسُّكْرُ في الشراب هو: أن يَنْقطع عما كان عليه من المَضاء في حال الصحو، فلا ينفذ رأيُه على حدّ نفاذه في صحوه، وعَبَّروا عن هذا المعنى بقولهم: سَكْرَانُ لا يَبُتُّ (?)، ووجه التثقيل أن الفعل مسند إلى جماعة، وهو مثل: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص: 50]، ووجه التخفيف أن هذا النحو من الفعل المسند إلى الجماعة قد يُخَفّف، كقوله:
ما زِلتُ أُغْلِقُ أبوابًا وأفتحُها (?)