التفسير البسيط (صفحة 7140)

يا رُبَّ مَن يُبْغِضُ أذْوادَنا ... رُحْنَ على بَغْضائِه واغْتدَيْنْ (?)

وكما دخلت على (مَنْ) وكانت نكرة، كذلك تدخل على (ما) فهذا ضرب، والضرب الآخر: أن تدخل (ما) كافة، نحو الآية، والنحويون يسمّون (ما) هذه الكافة؛ يريدون أنها بدخولها كفت الحرفَ عن العمل الذي كان له، وهيأته لدخوله على ما لم يدخل عليه، ألا ترى أن (رب) إنما تدخل على الاسم المفرد؛ نحو: رب رجل يقول ذلك، ولا تدخل على الفعل، فلما دخلت (ما) عليها هيأتها للدخول على الفعل كهذه الآية (?)، فإن قيل لم قال: {رُبَمَا يَوَدُّ} فجاء بعد ربما بفعل مستقبل، وسبيلها أن يأتي بعدها الماضي كما يقال: ربما قصدني عبد الله، ولا يكاد يستعمل المستقبل بعدها؟ قال ابن الأنباري: المستقبل في هذا بمنزلة الماضي، وإنما جاز الماضي هاهنا وهو لأمر لم يأت؛ لأن القرآن نَزَّل وعده ووعيده وما كان فيه كأنه عيان، فجرى الكلام فيما لم يكن منه كمجراه في الكائن، ألا ترى إلى قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا} [سبأ: 51] كأنه ماضٍ وهو منتظَر؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015