فسجود الظلال تمايلها واستسلامها وانقيادها للتسخير، كأنه قيل: وظلالهم بالغدو والآصال مستسلمة، ودل على هذا قوله: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ}
16 - قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} الآية، السؤال والجواب جاء من ناحية واحدة، كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ} [يونس: 34] الآية، وذلك أن الكفار لا ينكرون أن الله خالق السموات والأرض والمخلوقات، لقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87]، وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 31] إلى قوله: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}، فإذا أجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا السؤال بقوله: الله، لم ينكروا هم ذلك، ويصير كأنهم قالوا ذلك، ثم ألزمهم الحجة، فقال: {قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} قال ابن عباس: يريد توليتم غير رب السماء والأرض، والولي النصير، والذي يتولى النصرى، كأنه قال أفتخذتم من دونه أنصارًا، يعني: الأصنام لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، فكيف لغيرهم.
ثم ضرب مثلًا للذي يعبد الأوثان، وللذي يعبد الله تعالى: فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} قال ابن عباس (?) يريد المشرك والمؤمن {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} قال: يريد الشرك والإيمان، وقرأه أكثر