الظن للرسل كان ذلك منهم خطأً عظيمًا لا يستحقون ظفرًا ولا نصرًا، وتنزيه الأنبياء وتطهيرهم واجب علينا إذا وجدنا إلى ذلك سبيلًا.
وقال أبو إسحاق (?) منكرًا لهذا التفسير: وذلك بعيد في صفة الرسل. يروى عن عائشة (?) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوعد بشيء يخلف فيه، وعنها (?) أيضًا أنها قالت: معاذ الله أن تظن الرسلُ هذا بربها.
قال أبو علي (?): وإن ذهب ذاهب إلى أن المعنى: ظن الرسل أن الذي وعد الله أممهم على لسانهم قد كذبوا، فقد أتى عظيمًا لا يجوز أن ينسب مثلُه إلى الأنبياء، لأن الله سبحانه لا يخلف الميعاد ولا مبدل لكلماته، هذا قول من أنكر هذه الرواية.
وقال الأزهري (?): إن صح هذا عن ابن عباس فوجهه عندي -والله أعلم- أن الرسل خطر في أوهامهم ما يخطر في أوهام البشر، من غير أن حققوا تلك الخواطر، ولم يكن ظنهم ظنًّا اطمأنوا إليه، ولكن كان (?) ظنًا بخاطر، وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تجاوز الله عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم ينطق به لسان أو تعمله يد" (?).