و (كُذبوا) من قولهم: كذبتك الحديث، أي: لم أصدقك، ومنه قوله تعالى (?): {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: 90]، قال أبو علي (?): والضمير في قوله: {وَظَنُّوا} على هذه القراءة للمرسل إليهم، لتقدير ظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروهم به، من أنهم لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب وإنما ظنوا ذلك لما شاهدوا من إمهال الله إيماهم، ولا يمتنع حمل الضمير في {وَظَنُّوا} هو على المرسل إليهم وإن لم يتقدم ذكرهم؛ لأن ذكر الرسل يدل على المرسل إليهم، وإن شئت قلت: إن ذكرهم جرى في قوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [يوسف: 109] فيكون الضمير للذين من قبلهم من مكذبي الرسل، والظن هاهنا على معنى: التوهم والحسبان.
وهذا معنى ما روى سفيان عن أبي حصين (?) عن عمران بن الحارث (?) عن ابن عباس (?) أنه قال: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} من قومهم