حسنة فيها ثلاثة أغصان، عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها، فكأن كأس الملك بيدي، فعصرتها فيه وسقيت الملك فشربه، فذلك قوله {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} قال أبو إسحاق (?): لم يقل إني أراني في النوم أعصر خمرًا، لأن الحال يدل على أنه ليس يرى نفسه في اليقظة يعصر خمرًا، قال ابن الأنباري: لأنه لو لم يقصد للنوم كان قوله (أعصر) مستغنى به عن {أَرَانِي} وقال غيرهما: قد دل على المنام قولهما {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} وذلك أنه لا يكون لما يرى في اليقظة تأويل.
وقوله تعالى: {أَعْصِرُ خَمْرًا} قال الليث (?): يقال: عصرت العنب وعصرته، إذا وليت عصره بنفسك، واعتصرت إذا عُصِرَ لك، والعصارة ما يحلب عن شيء بعصره، وذكر المفسرون (?) وأهل المعاني في قوله: {أَعْصِرُ خَمْرًا} ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يكون المعنى أعصر عنب خمر، أي العنب الذي يكون عصيره خمرًا، فحذف المضاف.
والثاني: أن العرب تسمي الشيء باسم ما يؤول إليه إذا انكشف المعنى ولم يلتبس، فيقولون: فلان يطبخ الآجُرّ، يعنون اللّبِن، فيوقعون بالفرع ما هو واقع بالأصل، ويقولون: هو يطبخ دبسًا، وهو يطبخ عصيرًا، هذا (?) الذي ذكرنا قول الزجاج (?) وابن الأنباري (?).