لهم جيرانا وقرابة، وقد رأيتم ما أصيبوا به وما صاروا إليه من سخط الله وعذابه، فعلى هذا أراد: ليسوا ببعيد في الدار والنسب.
وقال قتادة (?): {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} في الزمان الذي بينكم وبينهم، واختاره الزجاج فقال (?): كان إهلاك قوم لوط أقرب الإهلاكات التي عرفوها، فكأنه قال لهم: العظة في قوم لوط قريبة منكم.
قال ابن الأنباري: فعلى القول الأول (?) كأنه يقول (?): إنكم للعذاب الواقع بهم أذكر وأحفظ منكم لما لحق الأمم السالفة؛ لأن دارهم أقرب إلى داركم، فبحفظكم ذلك يلزمكم الإشفاق والحذر من مثل مصرعهم، وعلى القول الثاني كأنه يقول: إن وقتهم أقرب إليكم من أوقات من مضى من المهلكين، ولقرب وقتهم منكم ما يجب أن تراعوا وتحاذروا، ووحد البعيد (?) على القول الأول؛ لأنه أراد: وما قوم لوط منكم بمكان بعيد، ويجوز أن يكون وَحَّده على لفظ القوم؛ لأنه على لفظ الواحد، وأنشد (?):
لو أن قومي حين تدعوهم حمل
على الجبال الصم لارفض الجبل
ولم يقل حملوا.