قال الفراء (?): "لا جرم" كلمة كانت في الأصل بمنزلة (?) (لا بد) و (لا محالة)، فكثر استعمالها حتى صارت بمنزلة (حقا)، ألا ترى أن العرب يقول: لا جرم لآتينك، فتراها بمنزلة اليمين، وكذلك فسرها المفسرون (?) في قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ} حقا (?)، انتهى كلامه، وعلى هذا معنى {لَا جَرَمَ} أي لا قطع قاطع عن أنهم في الآخرة هم الأخسرون، إلا أنه كثر حتى صار كالمثل، فإذا قالوا: لا جرم، فكأنهم قالوا: حقًا، والأصل مما ذكرنا، ووضع موضع القسم في قولهم: لا جرم لأفعلن كذا، كما قالوا: حقًا لأفعلن، إذ جعلوه بدلاً من اليمين، وهذا قول في هذه الكلمة.
وقال الزجاج (?): معنى لا جرمِ: (لا) نفي لما ظنوا أنه ينفعهم، كأن المعنى: لا ينفعهم ذلك، {جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} أي: كسب ذلك الفعل لهم الخسران، وذكرنا {جَرَمَ} هو بمعنى كسب في قوله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (?).
قال الأزهري (?): وهذا من أحسن ما قيل فيه.
قال ابن الأنباري: (جرم) على هذا القول فعل ماض، وفاعله مضمر