فيقال: إن الله تعالى يجعل أموالهم الحرام في النار ليعذبهم بها، ويوصل الآلام إليهم من جهتها كما قال تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 35]، وقد ذكر الزجاج هذا بعينه وقال في قوله: {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} أي: يجعل ما أنفقه المشركون بعضه على بعض ويجعل ذلك عليهم في (?) النار فيعذبون به كما قال الله تعالى: {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} [التوبة: 35] الآية (?).
قال أبو بكر: وجواب آخر وهو أن الله تعالى يدخل أموالهم جهنم (?) لتعززهم بها وافتخارهم بجمعها وأنه لا شيء كان أجلّ عندهم منها، فأراهم هوانها عليه، والحال الدنية التي أصارها إليه، قال: ويكشفه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانت القيامةُ تزيَّنت الدُّنيا بأحسنِ هيئتها وتزخرفت بأجملِ زخارفها وقالت: يا ربِّ هبني لوليٍّ من أوليائك، فيقول الله تعالى: أنت أقل شأنًا عندي من ذلك، ثم يأمر بها إلى النار" (?) فيرون أنه يفعل ذلك بها ليُري المؤثرين بها قلتها عنده وهوانها عليه.
قال: واللام في قوله: {لِيَمِيزَ} متعلقة بالكلام المتقدم {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} لكي يمييز الله الخبيث من الطيب (?).
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} يعني الذين كفروا وأنفقوا أموالهم في طاعة الشيطان هم الذين غبنت صفقتهم وخسرت تجارتهم أنهم اشتروا بأموالهم عذاب الله في الآخرة.