قيل: إنهم لم يكذبوا في ذلك، ولو كذبوا في قولهم {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}، لقيل: {كَذَلِكَ كَذَّبَ} بالتخفيف (?)، ولكن المعنى: كما [كذبك هؤلاء] (?)، كذب كفار الأمم الخالية أنبياءهم، ولم يتعرض لقولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}، ولكن قولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} لا يكون حجة لهم على أن ما هم عليه من الدين حق؛ لأن الأشياء كلها تجري بمشيئة الله تعالى، فلو كانوا على صواب؛ لأن ذلك بمشيئة الله تعالى لكان من خالفهم أيضًا وجب أن يكون عندهم على صواب؛ لأنهم أيضًا على ما شاء الله، فينبغي أن لا يقولوا إنهم ضالون، فبان أنه لا حجة لهم في قولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} وإن كان الأمر على ما قالوا؛ لأنهم تركوا أمر الله وتعلقوا بمشيئته، وأمر الله تعالى بمعزل عن إرادته؛ لأنه مريد لجميع الكائنات، غير آمر بجميع ما يريد، فعلى العبد أن يحفظ الأمر ويتبعه، وليس له أن يتعلق بالمشيئة بعد ورود الأمر [بما يجب عليه] (?) الانتهاء إليه، وهذا معنى ما ذكره أبو إسحاق (?) وغيره من العلماء (?).