فنفعه صدقه (?)، وأما إبليس فإنه يصدق أيضًا في ذلك اليوم في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} [إبراهيم: 22] فلم ينفعه صدقه؛ لأنه كان كاذبًا في الدنيا. وهذا معنى قول قتادة (?).
والذي ذكرنا من أن المراد بهذا اليوم يوم القيامة قول عامة المفسرين إلا ما روى عطاء عن ابن عباس أنه قال: يريد يومًا من أيام الدنيا؛ لأن الآخرة ليس فيها عمل، إنما فيها الثواب والجزاء (?)، وذهب في هذا القول إلى ظاهر الآية من أن الصدق النافع يكون في الدنيا، فلما وصف اليوم بأنه ينفع فيه الصدق جعله من أيام الدنيا، ويكون معنى الآية: (قال الله هذا) أي: هذا الكلام الذي جرى ذكره (يوم ينفع الصادقين)، أي: في يوم ينفع الصادقين صدقهم، وهذا القول يوافق مذهب السدي في أن هذه المخاطبة جرت مع عيسى حين رفع إلى السماء (?)، واختلف القراء في نصب {يَوْمُ يَنْفَعُ} ورفعه، فقرأ الأكثرون بالرفع، وقرأ نافع بالنصب (?)، واختاره أبو عبيد.
فمن قرأ بالرفع قال الزجاج: فعلى خبر هذا، المعنى: قال الله تعالى اليوم يوم منفعة الصادقين (?). هذا كلامه، وشرحه أبو علي فقال: من رفع اليوم جعل الخبر المبتدأ الذي هو {هَذَا} وأضاف يومًا إلى {يَنْفَعُ} والجملة التي هي المبتدأ والخبر في موضع نصب بأنه مفعول القول، كما تقول: قال زيد: عمرو أخوك، وما بعد القول حكايته، ومن نصب {يَوْمَ