وقال سراقة بن مالك، ويروى عكاشة بن محصن: يا رسول الله الحج علينا في كل عام" فأعرض عنه رسول الله، حتى عاد مرتين أو ثلاثاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويحك، وما يؤمنك أن أقول: نعم؟! والله لو قلتُ نعم لوجبتْ، ولو وجبتْ ما استطعتم، ولو تركتم لكفرتم، فاتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" فأنزل الله هذه الآية (?).
هذا قول المفسرين في سبب نزول الآية، وقال أصحاب المعاني: أما سؤال من سأل عن موضعه أو موضع أبيه فقال رسول الله: "في النار" فهو مما يسوء السائل بيانه، وأما من سأل عن أبيه من هو، فإنه لم يأمن أن يلحقه النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير أبيه فيفتضح، ويكون قد جنى على نفسه بسؤاله فضيحةً تبقى عليه أبداً في أمر لم يكلف ذلك، ولم يؤمر بالسؤال عنه، فقد عرض نفسه بهذا السؤال لما سكوته عنه خير له، فهو منهي بهذه الآية عن مثل سؤاله في المؤتنف، إذ لا يأمن أن يكون الجواب بما يسوءه (?).
وأما السائل عن الحج فقد كاد أن يكون ممن قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من كان سببًا لتحريم حلال" (?)، إذ لم