لقوله: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ} لأنه بين في الثاني أن ضلالهم عمَّاذا كان.
78 - قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}، قال أكثر المفسرين: يعني: أصحاب السبت وأصحاب المائدة، أما أصحاب السبت: فإنهم لما اعتدوا قال داود: اللهم العنهم، واجعلهم آية ومثلًا لخلقك، فمسخوا قردة، وأما أصحاب المائدة: فإنهم لما أكلوا من المائدة ولم يؤمنوا، قال عيسى: اللهم العنهم كما لعنت أصحاب السبت، وأصبحوا خنازير. وهذا قول الحسن ومجاهد وقتادة (?).
وقال ابن عباس: يريد في الزبور من يكفر من بني إسرائيل، وكذلك في الإنجيل (?).
وقيل: {عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى}؛ لأن الزبور لسان داود، والإنجيل لسان عيسى، وقال الزجاج: وجائز أن يكون عيسى وداود أعلما أن محمدًا نبي مبعوث، وأنهما لعنا من يكفر به (?)، والقول هو الأول.
79 - قوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} الآية، للتناهي ههنا معنيان: أحدهما: وهو الذي عليه الجمهور، أنه مفاعل من النهي، أي كانوا لا ينهى بعضهم بعضًا (?)، قال عطاء عن ابن عباس: "كان بنو إسرائيل ثلاث فرق: فرقة اعتدوا في السبت، وفرقة نهوهم ولكن لم يدعوا مجالستهم ولا مؤاكلتهم، وفرقه لما رأوهم يعتدون ارتحلوا عنهم،