التفسير البسيط (صفحة 3600)

وقال قتادة: الثبات الفرق (?).

وأما معنى الآية فقال العلماء: هذه الآية تدل على أن الجهاد من فروض الكفاية؛ لأن الله تعالى خيرهم بين أن يُقاتلوا جميعًا، وبين أن يقاتل بعضهم دون بعض بقوله: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} فدل أنه ليس من فروض الأعيان (?). وهذا مذهب جماعة من المفسرين في الآية.

وقال قوم: الآية لا تدل على ذلك؛ لأن قوله: {فَانْفِرُوا} {أَوِ انْفِرُوا} محمول على حالين مختلفين، فقوله: {انْفِرُوا ثُبَاتٍ} إذا لم ينفر معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (أو انفروا جميعًا) مع الرسول. نظيره قوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 120] إذا نفر رسول الله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] إذا لم ينفر رسول الله. وهذا قول عبد الرحمن بن زيد والكلبي (?).

وقد ذكرنا في سورة البقرة ابتداء وجوب الجهاد، ومذاهب العلماء في وجوبه اليوم عند قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} الآية [البقرة: 216].

ومنهم من قال: التخيير في قوله: {فَانْفِرُوا} (أو انفروا) يعود إلى صفة الخروج للقتال، يقول: انفروا جماعات متفرقة، أو انفروا جميعًا بعضكم إلى بعض، أي على أي صفة كانت من الاجتماع في النفر والوقوف ليتلاحق الآخر والأول والمبادرة وترك التفريج للتلاحق. ولهذا المعنى أراد الشاعر لما قاله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015