وذكر هذا المأخذ مر في أكثر من موضوع مع ذكر أمثلة له، كما في منهجه في عرض القراءات، والجانب اللغوي، والنحوي في تفسيره.
رابعًا: كثرة النقول من الجوانب الواضحة في كتاب "البسيط" ومنها نقول كثيرة لم يعزها، سبق ذكر أمثلة لها عند الحديث عن مصادره. وقد يجاب عن ذلك بأن هذا نهج متبع عند العلماء الأوائل ولا ينكر بعضهم على بعض فيه. وفي نظري أن هذِه المسألة بحاجة إلى دراسة أكثر قبل إصدار حكم فيها، وبالنسبة لهذا الموضوع عند الواحدي نلحظ أمرين:
الأول: أن جميع مصادره الرئيسة التي نقل عنها موثقة بالعزو، فمثلًا الأزهري في مقدمة كتابه "تهذيب اللغة" ذكر مصادره وسنده إليها وطريقته بالعزو واصطلاحاته في ذلك. وهذا أبو علي الفارسي في كتابه "الحجة" و"الإغفال" من خلال تتبعي لهما أجده يعزو كل الأقوال التي نقلها، والواحدي نقل عنهما بدون عزو.
الأمر الثاني: نرى الواحدي ينقل عن الأزهري، أو عن أبي علي، أو عن غيرهما، فيعزو أحيانًا ولا يعزو أحيانًا، بل نجده في الموضع الواحد ينقل كلامًا عن الأزهري، أو عن أبي علي، أو عن غيرهما، بدون عزو في أول النقل، وفي أثنائه يعزو الكلام قائلًا: قال الأزهري أو قال أبو علي، ثم يذكر بقية كلام من نقل عنه، وهذا يوهم القارئ أن أول الكلام ليس من قول من ذكر بعد، وفي كتابه أمثلة كثيرة على هذا، منها ما ذكر عند تفسير قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] نقل عن "الحجة" كلام ابن السراج ولم يعز له أول الكلام وعزا آخره فأوهم القارئ