أحسن هذه الأقاويل؛ لأن قوله (ومن تطوع خيرًا) صيغته تدل على العموم.
وقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} أي: مجازٍ بعمله، {عَلِيمٌ} بنيته. قال أهل المعاني: وحقيقة الشاكر في اللغة: هو المظهر للإنعام عليه، والله تعالى لا تلحقه المنافع والمضار، فالشاكر في وصفه مجاز، ومعناه: المجازي على الطاعة بالثواب، إلى أن اللفظ خرج مخرج التلطف للعباد، مظاهرة في الإحسان إليهم، كما قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ} [البقرة: 245] وهو تعالى لا يستقرض من عوز؛ ولكنه تلطفٌ في الاستدعاء. كأنه قيل: من الذي يعمل عمل المقرض، بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدم في وقت فقره وحاجته.
قوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}: هما جبلان معروفان بمكة. و {شَعَائِرِ اللَّهِ}: متعبداته، التي أشعرها الله، أي جعلها أعلامًا لنا، وهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو منحر.
{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ} أصل الحج في اللغة: زيارة شيء تعظمه. قال الزجاج: أهل الحج: القصد، وكل من قصد شيئًا فقد حجه.
وقوله: {أَوِ اعْتَمَرَ} قال الزجاج: أي: قصد، وقال غيره: زاره.
{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} أي: لا إثم عليه ولا حرج ولا ذنب {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.
أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزار، أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان، أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن عاصم عن أنس بن مالك. قال: كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة، وكانا من شعائر الجاهلية، وكنا نتقي الطواف